الاثنين، 17 أكتوبر 2011

مذكرات صفقة رقم (1)

شعرتُ فجأة بالشوق والحماس، خفق قلبي بسرعة لدى حديثي مع صديقتي ميسون التي حُكم والدها بأربعة مؤبدات قبل أن يصلهم خبر نجاح الصفقة، تذكرت كل التفاصيل التي مرت دون أن أدركها جيداً وأراهن عليها هذا المساء..
كيف بَكَت قبل عامين حين فشلت الصفقة وأُغلِقت، تذكرتُ تفاصيل حفل الأسرى في الصيف الغابر الذي أقيم باسم مديرية التربية والتعليم -غرب غزة- و كنت عرّافته، كل التفاصيل الصغيرة، نقاشي مع مدرستي حولَ التقديمِ وأبيات الشعر الواجب قولها وتفضيلها، حين طلبوا مني أن ألبس (كعباً) لأكون قادرة على الظهور جيداً من وراء المنصة لتحيّة الأسرى، ولبست حينها حذاء رياضي لا يُظهرُه ثوبي الفلاحي المطرَّز على الطريقة (اليافوية) لتحاشي آلام الكعب وازعاجه، وانتصرت على ظنونهم وظهرت جيداً من وراء المِنَصَّة. حين أشار لي أحد منسقين الحفل بالنزول لأخذ أسماء الأطفال الذين سيتم تكريمهم بدلاً من آبائهم، كانوا صغاراً ومشاغبين، وكانوا يتسابقون لحمل البلالين والأعلام راكضين وراء حلمٍ لم ينضِج، كانوا سعداء وكنت خائفة.. ولا أخفيكم أنني لم أكن واثقة بما أفعله! وها هي النبوءة، ها هوَ الحُلُم ..
تذكرت بكائي الخافت هذا الصباح عندما تحدثت مديرة المدرسة عن ما تبقى من الأسرى القابعين، كيف صفعني الرقم حين قالت "ثمانية آلاف" حين تقدمت أحد صديقاتي وهزت كتفي ورددت :"هبة!"، ضحكت مجدداً كعادتي لأنني أضيع تفاصيل الأمور دائماً وأعود أواجه كل ما مضى لأكوِّنَ فرحاً .. حزناً أو ألماً ربما..
تأخرت كثيراً لأستعيد هذه الصور، لم أتلهف حين سمعت بفتح ملف الصفقة، ذاك أني لم أشهد عيداً وطنياً واحداً طوال حياتي.. كل ما شهدته هو خيبات متكررة قصمت ظهورنا، المثير الآن أننا لم نشهد ما سنشهده غداً منذ ولادة السجون!
لا زلنا بعيدين، لكن الآن صَدَقت بعض أغانينا وأهازيجنا وحنّوننا لذلك نشعرُ بالسعادة\ ونرقص في فرحٍ من وجعٍ في الخاصرة .