السبت، 27 نوفمبر 2010

ما فوق هذا الرأس ،


______________________________

ألفت هذه الأنفاس ، أستطيع سماعها عن بعد ميل كامل ، وكأنها تنذر بشيء ما يخبرني بأن ألمم نفسي الآن ، وأحرص على جعل كل شيء في مكانه ، وفي صورته الطبيعية ، لقد مضت سنين كثيرة ، ولم يتغير إيقاعها ولم تتغير ردود فعلي حين اسمعها ، كل شيء الآن سوي ، الكتاب أمامي ، والقلم في يدي ، وعقلي على ما يبدو يفكر ، وربما جسدي لا زال في مكانه ، أو أنه تهالك ، لا أدري !
ذهني لم يكن صافياً ، لم يكن لي وحدي حينها ، كنت أحدق في اللاشيء ، أتفرس في صورة ما ، شبه كائن ، وبعض ألوان متداخلة ، لم يُطرَق الباب بعد ، ولم تعد تلك الأنفاس ترنُ في أذني كقرعِ الطبول ، يبدو أن بشري ما قد غير وجهته وذهبَ حيث لا أكون أنا ، بعيداً عن كلِ ما يمكن أن يهوي إلى ذهني فجأة ، عن وجهٍ مستدير ، وشعر حريري منسابْ ، عن أي شيء يمكنُ أن يتعلق بنفسِ الفتاة التي أظن أنني لربما أعرفها ، آخذ استراحة قصيرة من مراقبةِ الباب ، فلقد حفظت كل الخطوطِ المبعثرة فيه ، وكل الوجوه التي يمكن أن يُخفيها ورائه ، وكل الاحتمالات التي يحملها ، : يجب أن أعود الآن لكتاب الإدارة ، وأن أسمح للباب بأن يُفتح بكل الطرق ، وأن أقتنع بأنه ما من كائن يحدقُ فيما فوق هذا الرأس ، كل الأشياء تندرج تحت مسمىً واحد ، ونتيجة واحدة .
نفسُ الحذر ، والخوف من اللاشيء ، إنها أمور لا يمكن أن نتخلص منها ، نحن خلقنا هكذا ، خائفين من لاشيء ، مترقبين ومحدقين في الفراغ ، إنه كتاب واحد دُرِّس للجميع ، من يكسر القواعد يجب أن ينبذ ، والبادي أظلم ! .
 أستعيد الآن تفاصيل المعارك في مناحة صامتة ، حتى ينتهي زمن نبوءتها ، لتستعيد الروح يقظتها ، ونحدق أكثر ، ونكف عن الطوفان في النار لنخرج أخيرا من بطون أمهاتنا أحياء ، ونتخلص من مشيمتها الدافئة ، إما أمواتاً بشفتان لا تتحركان مع رنين الأصوات ، موتى لا ينبغي لهم أن يقولوا شيء !
______________________________

الجمعة، 19 نوفمبر 2010

ليلة أذارية ،



يعتّق الموت نصفَ اللوحة الجدارية
ويعصف بالآخر ، ويحلُّ الخريف ..
تصبح الآلام وحيدة في تلك الليالي
ويبدو الوطن مألوفاً ،
سرعان ما تهرب القطط السوداء 
من عواء الكلاب فيها  ،
ويضيق الملجأ في البرد القارس ،
تصير الحكايا أموراً شخصية
والحواسُّ خاملة ..
تعجِنُ نفسها في لحافٍ
تفوحُ منه رائحةُ الرسائل العتيقة
وتموتُ موتَتَها الأولى .. وتَنكَسِر !
\\

في الميتتة الثانية :
تهرب الصورُ من نفسها ،
تتعجرف الموسيقى ..
لقد جُبِرت معادلات الورود ،
ذاب الرخام عن الناي ،
لتعزف مقطوعة اللازوَرد !
ويُرفع عن ساقيها ثوب الشغف
ويمّحى عنها العشق ،
فتذوب ، ويذوب معها اللازوَرد .