الخميس، 26 أبريل 2012

وحيدةٌ كما أشيائي! -وأشلائي-

  لم أسميها وحيدة لأنها الوحيدة، أو لأنها الأخيرة .. بل لأنها تأتي بين كل ذلك السلام والسعادة وبين الصخب والغبش والفوضى التي تخفي احساسنا بهذه الأشياء. فتأتي بعد غياب أو بعد شوق ربما (في شوق لكل شيء، حتى لللاشيء) فلا أحد يلحظها! تماماً كالسلام والسعادة الداخليين اللذين يختبئان تحت مظلة الواقع!

-أمر باسمك لا جيش يحاصرني أو شاعر يتمشى في هواجسه- 
هذه هي بلادي، نعم يا درويش! حين غنّاها صديقك المخلص في كونشرتو الاندلس كانت الأحداث كريمة معكم فوهبت حناجركم وحروفكم أصيصاً من ذهب ولأن لوجيستية الحرب سلبتنا الشعر والهواجس وجعلتنا نتمشى بين أجساد ملطخة بالوجع والدم والماء بدلاً من هواجس ممزوجة برغباتنا وأسرارنا الصغيرة البريئة.. اخترنا أن نتوقف قليلاً!
ليتنا نتوقف قليلاً ونفهم الأشياء بمنتهى الدقة! لو نتأمل قوانين الفيزياء أكثر، ولو نبحث عن الحقيقة في كل شيء لما حاصرنا جيش من المخاوف والتوجسات ولما كنا خاسرين .. (خاسرون جداً في أوج انتصارنا !)
نحن نتمشى إذن فوق الحقيقة، وبين تلك الأجساد المعجونة بالألم تظهر الحقيقة كاملةً وتبقى غائبة عنا كما لو أننا لم نكن يوماً تلك الكائنات الوحيدة في هذا الكون التي حُمِّلت الأمانة!
 "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ علَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"
وقال تعالى "وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ"
إن الصدق والتصديق هما الشيئان الوحيدان في هذه الحياة -كما أثبت العلم- اللذان لا يحتاجان أي طاقة ! فالشعور الذي يسكن الدماغ من تصديق لا يكلّفه شيئاً كما يكلفه في المقابل النكران والكذب!
كنت اليوم قد قضيت ساعات دراستي على سطح منزلنا، وقبيل صلاة المغرب ركزت عيناي على الأفق حيث تظهر الأطراف العلوية من البنايات والمساكن حولنا .. كان هناك وهج يمتد بخط غير منتظم حول هذه الأطراف، بينما تقترب الشمس أكثر يزداد الوهج ويظهر، وبعد مرور ما يقارب النصف دقيقة ظهرت أمامي تلك النقاط التي تشبه جزيئات الطاقة في المستويات -والتي أثارت حيرتي  في طفولتي- مندفعة نحوي، يحدث هذا مع الجميع وتبدو لي ظاهرة تتعلق بالضوء والعين وأمور أخرى أجهلها. وفهمتُ -بعيداً عن التفسير الحقيقي لما يحصل أثناء تركيزنا على منطقة يتجلى فيها الضوء- حقيقة يعلمها الجميع أيضاً ولكن لا يلاحظونها وقد تحدث عنها كثيراً قبل الآن وسأكررها مراراً بأننا حقول طاقة، فداخل اجزائنا و أجهزتنا المكونة من أعضاء وانسجة و ذرات صغيرة متجمعة يوجد طاقة ضخمة جداً! في كل ذرة وخلية في جسدنا يوجد طاقة! وهذه الأجساد المليئة والزخمة جداً بتلك الطاقة والحلقات تكمن فيها عجائب تخر لها النفوس ما أن تتأملها قليلاً! ومع هذا كله نبحث عن الراحة دائماً ونطفئ ذلك الوهج داخلنا كلما أطلنا الجلوس والتأمل في الفراغ! (وللفراغ معاني كثيرة جداً) فتسكن أجسادنا ونفوسنا ويطيب لها مذاق الراحة!
قال أحد المشاركين في تيدكس كايرو 2010 : " أنا معرفش ليه حاسس ان احنا كلنا مستريحين، اصحابي مستريحين وأهلي مستريحين والناس اللي بتشتغل مستريحة وحضراتكو مستريحين، مع إنو احنا عايشين في بلاد غير مريحة جداً .. أنا حاسس ان احنا ممكن نبقى أحسن من كده، بنشوف الزبالة الصبح وبنتخانق شوية بس بنعيش بيها، التعليم تبعنا مش قد كده بس عايشين بيه، الصحة بتعتنا مش قد كده بس عايشين بيها، عارفين حاجات كتيرة أوي بس ما بنعملهاش.. مفيش حد عايز يطلع للمنطقة الساقعة. أنا نفسي نفسي كل واحد النهارده يروح منكو او من زمايلكم او اهلكم يعمل حاجة وحدة بيحبها حتى لو الناس مش عجباها ويطلع برة المنطقة الدافية" وقد وجدت أثناء بحثي في جوجل حقيقة تقول :لو فتشنا داخل كل خلية من خلايا الإنسان نجدها تحوي برنامج يميل بطبيعته إلى الأشياء الحسنة، والأبحاث العلمية تؤكد ذلك من خلال دراستهم لنظام المناعة في الإنسان.
وهذا يظهر تماماً ما تحدث عنه المهندس فخراني حين قال " يعمل حاجة وحدة بيحبها حتى لو الناس مش عجباها " فنحن مفطورين على الخير ونميل إليه كلياً.. فلن يكون على الإطلاق ما نحبه فعلاً هو شيء يميل إلى الشر!

لم أبتر حديثي في البداية، بل البداية والنهاية متعلقتان جداً ومتصلتان جداً لو شعرتم بما أتحدث عنه وأقصده .. يصفق لنا جمهور وجمع كبير وننظر إلى أنفسنا بزهوٍ وحين نتوقف قليلاً نشعر بأننا نود أن نصفق معهم أيضاً وكأننا نصفق لأحدٍ آخر ! وي كأننا جسد آخر غير هذا الجسد! ويؤلمنا جداً ويضنينا أننا لا نشعر تجاه أنفسنا بما يشعره الكثيرون حولنا .. وإذا أردنا أن نجعل ذلك ايجابياً : يجب علينا ألّا نكف عن البحث عن النور .. وعلينا ألّا نغتر ونكتفي بداخلنا ومحيطنا الضيق أبداً! علينا أن  نبحث عن الخير في كل ما نراه، علينا إذن أن نلحظ الأشياء الصغيرة حولنا ولا نضيع التفاصيل دائماً! 
علينا أن نُحِبْ .

السابع والعشرون من نيسان ألفين واثنا عشر\ الثالثة صباحاً بتوقيت الأرق!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أسعد بكم :)