الجمعة، 11 مايو 2012

ولو بالكذب!

أشارككم جزء من يومياتي 9-5-2012
" ... ولست أحاول أن أكون أكثر من نفسي، فأنا لا أحمل من المسميات سوى فلسطينية مع أني لم أبذل شيئاً لأجل هذا المسمى فأنا لم أختره ولم أحارب لأجله ولا أعلم -انا فعلاً لا أعلم- إن كنت سأختاره لو كان الخيار ملكي ! الألم الذي أشعر به تماماً حيث لا تلتقي العظام الطافية في قفصي الصدري يذكرني بالألم الذي لطالما قرأت عنه في قصص العشق، ولكن المختلف هنا أنني لا أعيش قصة حب بل إني أعيش قصة حرب باردة كشتاء الملاجئ والمخيمات وهذا البرد أيضاً لا يشبه البرد في الروايات الحزينة، بل يشبه برد البلاد البيضاء في أطرافها، وعلى سيرة الأطراف فإن هذا الألم يفقدني شعوري بأطرافي ( وأنا لا أعلم حقاً إذا كان هذا الجزء يشبه البرد الذي يشتعل داخل العاشق حين يرى محبوبه فيفقد الشعور بأطرافه ! ) . البكاء سبيل الضعفاء للتكفير عن تقصيرهم أو أخطائهم، ولكن بكائي وأرقي لم يشعراني ولو قليلاً بتحسن، لقد قاطعت البضائع الإسرائيلية لفترة من الزمن ولكني عدت حين تذوقت آخر ما وصل غزة من شوكولاتة عليت الإسرائيلية، فقد كانت العائلة تجتمع أمام فناجين القهود السادة وتتشارك هذا اللوح من الشوكولاة وأنا لم أرفض أن أتذوقها أيضاً ! هذه المرة كانت تحتوي الشوكولاة سكاكر قفازة تشعرني بفرقعة داخل فمي وكنت أحب هذا النوع من السكاكر جداً في طفولتي، شعرت برغبة جامحة ومخجلة في البكاء وأنا أحاول أن أتخلص من الفرقعة في فمي، وشعرت بأن صوتها يدوي في رأسي وكأنه صراخ يعاتبني ! يعاتب جموحنا ويعاتب ضعفنا أمام قطعة سكاكر إسرائيلية!... " قضيتي ليست شوكولاة وليست سكاكر قفازة ولكن الألم الذي أشعر به حين أقرأ آخر أخبار الأسرى والذي وصفته في جزء من يومياتي في الأعلى يشبه تماماً الألم الذي شعرت به حين رأيت نفسي تخاذلت أمام هذه البضاعة، وهو ذاته الألم الذي أشعر به الآن وأنا أشارككم ما أكتبه على عجل ..


انهيت جدول اليوم الساعة العاشرة مساءاً وقمت بتجميع كتبي وترتيبهم مجدداً وأصريت هذا اليوم على أن أحارب أرقي المستمر منذ شهر تقريباً بأن أنام الساعة العاشرة وأن أبقى مستيقظة بعد الفجر، وجدتني أقرأ بعض الأخبار قبل نومي فشعرت برغبة في صفع نفسي واختلف مزاجي تماماً وشعرت أيضاً بكراهية، بكراهية مضنية تجاه كل شيء يحصل، قرأت أربعة عناوين كافية جداً لأن تفقدني عقلي تماماً، صدقوني هكذا أخبار كانت كافية جداً لأن أتحول إلى مجنونة متسولة إلى كسرة من كرامة!

العنوان الأول : 
" المقاطعة مش برام الله...المقاطعة في ثلاجتك.....قاطع كل البضائع الاسرائيلية
مقاطعة ابدية لكل البضائع الاسرائيلية لانه كلها لها بديل اليوم
تعددت الوسائل والغاية واحدة, سنقاطع البضائع الإسرائيلية تضامناً مع أسرانا ودعماً لمعركة الأمعاء الخاوية" 

قبل عدة أيام من الآن، تماماً قبل عدة أيام من الآن تناولت قطعة من شوكولاة اسرائيلية بعد مقاطعة اقتربت من السنة الكاملة ومع أني تجاهلت الأمر، إلا أن هذا النداء جاء في وقته ليصفعني ويخبرني بأني ارتكتب خطأً غبياً في أكثر الأوقات حاجة لوقفة معنوية كهذه! فأنا لم أؤثر في اقتصاد اسرائيل مطلقاً ولم أشعر أحد بشيء وكانت حياتي طبيعية جداً ولكني كنت في داخلي سعيدة لأني أفعل ذلك، سعيدة لأجل نفسي .. فأنا أصغر جداً من أن أكون سعيدة لأجل وطني!


العنوان الثاني : 
"المعركــة مستمــرة ..
بلال ذياب 74 يوم
ثائر حلاحلة 74 يوم
حسن الصفدي 68 يوم
عمر أبو شلال 66 يوم
محمد التاج 58 يوم
محمود سرسك 52 يوم
جعفر عز الدين 51 يوم
فارس الناطور 46 يوم
عبدالله البرغوثي 30 يوم

باقي الأسرى 25 يوماً"
دعوني لا أعلق ! ! !!


  (دور الرئيس طبعاً، على ما يبدو ناوي يحكي شوية عن الأسرى، يعني ولو بالكذب)
العنوان الثالث :
" قال الرئيس محمود عباس إنه مستعد للتفاهم مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن اتفاق للسلام في الشرق الأوسط إذا اقترح "أي شيء واعد أو إيجابي".
وقال الرئيس عباس إنه ليست لديه نية السماح لأبناء شعبه بحمل السلاح ضد الاسرائيليين، لكنه سيكون مستعدا لتجديد سعيه من جانب واحد للحصول على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة في حالة عدم إحراز تقدم." :| :|

أنا لست مصدومة بسبب ما يقوله، خصوصاً عندما قال بأنه (ليس لديه النية) إنت مين كاين يا ابن ال**** علشان يكونلك نية، لكن أيضاً حديثه ما صدمني بقدر ما صدمني توقيت حديثه، هناك أسرى سيمر عليهم ثلاثة شهور في إضرابهم عن الطعام، وأنت تأتي لتتحدث عن السلام مع اسرائيل، يعني .. انتظر قليلاً فقط وبعدين تحدث كما تريد! ولو بالكذب!


( دور رئيس الوزراء هلأ، يعني بركي اسماعيل هنية بما انو عامل حالو زعلان وبيفطر فول دايما يكذب علينا شوية، مش معقول اسماعيل هنية يحكي عن مفاوضات، هوا عنجد عندو كره لاسرائيل يعني، يعني آه، يعني أنا بدي اليوم اكون زي الغلابة هادول اللي بسدقو، وبدي اسدق لاني مش قادرة مش قادرة.. ولو بالكذب!)
العنوان الرابع : 

" إسماعيل هنية رئيس حكومة غزة .. الحركة الاسلامية مستعدة للتوصل مع اسرائيل الى "هدنة طويلة الامد قد تمتد لعشرسنوات او أكثر" مقابل دولة على الاراضي التي احتلتها اسرائيل في حرب الشرق الاوسط عام 1967" :||||||||||||||||||||||||| طيب ليش ؟

طيب والأسرى؟ وينهم؟

صمت طويلاً وكتبت هذه الرسالة النصية لصديقتي مريم "مريم أي فعالية قريبة للأسرى احكيلي عنها، لو حتى بالخيمة، مش قادرة يا مريم . هناك دموع تسقط على وجه القلب. مثلها يصيب كل مشاعرنا الجميلة بالعمى! وإني على شفا حفرة من العمى!!" ما كتبته في أول رسالتي يشبه قولي هذا "ولو بالكذب" ولست أواسي أي شيء مما شعرت فيه داخلي وخارجي وفي أطرافي! حين تصفحت بعض الأخبار هنا في فلسطين، وفي العالم، جعلت نفسي أتخيل للحظة أن العالم لا يعرفنا، أو أننا نسكن في منطقة نائية عن الوجود فبحثت في جوجل خلال الشهر الماضي لأرى إن كان العالم على علم بما يحصل في الأسرى :

وهذا ما وجدته، أربعة وثلاثون مليون وثلاثمئة ألف نتيجة بحث في الشهر الآخير حتى هذه الساعات فقط عن قضية الإضراب عن الطعام، والتي بدأت عند بعض الأسرى منذ ثلاثة شهور!، يعني أن العالم يعلم جيداً ويرى جيداً ما يحصل، ورأيت بعدما أكملت تصفحي للأخبار بأن هناك مسيرات تضامن في ايرلندا ولندن وفرنسا ودول كثيرة حول العالم .. وأن الناس جميعهم مثلنا نحن، يحاولون إيصال صوتهم دون جدوى، رغم أن القوة الإنسانية والتضامن الإنساني هو أقوى الدروع في هذا العالم إلا أنه لم ينجح بعد أمام القوى العسكرية والسياسية والفكرية المنحازة إلى إسرائيل في هذا العالم، لأن هناك فجوة حقيقة في هذا الدرع، وأساس هذه الفجوة هو نحن الفلسطينين، نحن لم نعرف أبداً طوال سنين قضيتنا كيف نتعامل جيداً معها، كيف نختار وكيف نرفض وكيف نوقف كل من يتاجر فينا، كنا ضعفاء جداً في 48 وأُعلنت دولة اسرائيل على مرأى منا ومن العالم أجمع، وفي المقابل جمعنا نحن ما نقدر عليه من متاع وطعام وغادرنا هذه البلاد، لا أقول بأن الأمر كان سهلاً علينا، لم يكن كذلك أبداً .. فحتى أنا الغزية التي لم يهجر لي جد ولا جدة، أشعر يومياً بالمرارة التي يشعر بها أي لاجئ ونازح في غزة وفي العالم تجاه فقدانه بلده الأصلي، لأنني مدركة لهذا الواقع الذي يصرخ كل يوم في وجهي بلميء فمه وغضبه، بأني أنا قد فقدت بلدي نظرياً وأني "مواطن مؤقت" في انتظار أن أفقدها فعلياً!
 أقل من يومين يفصلنا عن الذكرى الرابعة والستين للحدث الكبير، والذي انتهى منذ فترة طويلة لدى الجميع "التفاوض عليه" وانتقل بعضهم لأراضي ال67 وبعضهم لل2000، ولا أعلم ربما سينتقلون للتنازل عن أراضي 2500 قبل أوانه!!!! لن أواسي نفسي ولن أواسي أي فلسطينياً في هذا اليوم، لأن المواساة تفقدنا شعورنا بالغضب، وتزين لنا شعورنا بالذل والضعف! ولن أكرر القول المعتاد بأن العودة حق كالشمس .. العودة ليست حق للجالسين يربون كروشهم في بلاد غير بلادهم! ليست حقاً للشباب الذي يسكن بلاده ويحلم يومياً بالهجرة منها، ليست حقاً لمن يستيقظ يوماً في السنة يذهب إلى خيمة تضامن ثم بمجرد أن يدير ظهره ليعود إلى بيته ينسى كل مشاعره الوطنية ويمضي! ! العودة ليست حق لمن اعتاد البكاء على الخواصر والشكوى المستمرة، من يريد أن يعود يجب أن يتذكر هذا الحق في كل ساعة ويوم في حياته، يجب أن يغضب وأن يثور كل يوم وليس يوماً في السنة، يجب أن يشعر بآلام العالم حوله وألا يظن نفسه المظلوم الوحيد في هذا العالم! ولا يجب أن نعطي اهتمامنا لشيء لا نريده بل أن نعطي اهتمامنا لما نريده فعلاً، حين نكون ضد الجوع يجب علينا أن نشارك في فعاليات توفر طعاماً للجائعين، إذا كنا ضد الحرب يجب أن نبذل جهدنا في إحياء السلام "السلام العادل" .. ما يحصل في العالم تماماً هو أنه هناك حروب ضد الإرهاب ومع ذلك يزيد الإرهاب، هناك حرب ضد العنف وحرب ضد المخدرات وحرب ضد الفقر وكل هذا يتفشى بشكل سريع جداً .. لأننا نعطي كل اهتمامنا لما لا نريده .. وهذا ينطبق علينا نحن الفلسطينين فما يراه العالم فينا أننا نحتاج الطعام والمدارس المجانية والوقود والكهرباء والمعابر والملابس وأدوية والعالم فعلاً يعطينا ما نريده باستمرار، وايضاً نظهر للعالم رفضنا لكثير من الأشياء وفعلاً العالم يقدر رفضنا، لكنا لسنا أصحاب موقف أبداً ولسنا نملك تلك الجرأة على رفض كل تلك الحاجات الحقيرة وتجاهلها! هذه هي دائرة "مانشحته نحن" في المقابل حدثتني ابنة خالي في كندا عن مطالب اليهود الصهاينة هناك، فهم يطلبون التبرع لبناء الهيكل ويطلبون التبرع لبناء المستعمرات ويطلبون التبرع لمخازن الأسلحة ومصانعها وفلسفة شحتة اليهود فلسفة رهيبة فعلاً وناجحة جداً كما فلسفتنا، فهم يطلبون بوضوح ونحن نطلب بوضوح، رؤساؤهم يفاوضون بوضوح ورؤسائنا والعالم هو مصباح علاء الدين الذي يقف دائماً بجانب الموقف الواضح لكل فئة وكل شعب ويساعده ليحقق له مطالبه! علينا أن نحدد ما نريده فعلاً، وليس ما لا نريده ..
 تقول الأم تيريزا " لن أحضر مسيرة مضادة للحروب، إن كان هناك مسيرة سلام فادعوني"

هناك 6 تعليقات:

  1. " المقاطعة مش برام الله...المقاطعة في ثلاجتك.....قاطع كل البضائع الاسرائيلية
    مقاطعة ابدية لكل البضائع الاسرائيلية لانه كلها لها بديل اليوم
    تعددت الوسائل والغاية واحدة, سنقاطع البضائع الإسرائيلية تضامناً مع أسرانا ودعماً لمعركة الأمعاء الخاوية"






    شكرا لهذه الكلمات الرائعة

    انا مقاطع لهذه المنتجات والحمد لله

    للامام .. مدونة رائعة

    ردحذف
    الردود
    1. علّنا نحسن ونستمر هذه المرة أيها اللاجئ! سعدت بتواجد جديد في مدونتي ..

      حذف
  2. لكننا سنصلي يا هبة، وسندعو، سنهجر كثيرًا من الحياة، لكننا سنحيا لأجلها، لم أتمالك الدموع ذاتها التي أذرفتيها على قلبك وفيه، كتبت شيئًا عله يهون ما يستطيع، نحتاج الكثير لنصبح ما نريد، وإن بقينا كما نحن لن نصبح ما نريد، هبة وقتي يجعلني أكره نفسي، لا وقت للتفكير كثيرًا بالوطن، فغباء السياسة التعليمية يتطلب ذلك، سنقدم ما نستطيع، وسنبقى لفلسطين يا هبة !

    ردحذف
    الردود
    1. مريم .. ولكم في الصلاة حياة ! !

      مريم، عذرنا بات قبيحاً، ولكن الفرار منه 100% مستحيل! سأزور الآن لوحتك قليلاً

      نلتقي هناك

      حذف
  3. بنيّتي،

    اجتهدي فيما ملكت يدك، و احيَيْ عزيزةً بعزِّ المجاهدين ابتداءاً و انتهاءاً جيراً على ماء، و لا تُعجلي فيما نَعتِّ، فالقضية أسهب مما ترين.

    ردحذف
    الردود
    1. أحسبني أرى فيكم خيركم حتى بدون الهُويّة!
      وأنتم كما كنتم على حق، ولكن تتأزم في دواخلنا الهزائم إذا ما تكررت، والبوح مهما يكن رشفة من ماء طاهر نقي .. وما تبقى علينا لا تساويه حروفنا.

      يا ليتني أرى فيها إسهاباً !
      لكم الخير

      حذف

أسعد بكم :)